كنت شيوعيا

كان هذا آخر كتاب قرأته و هو صادر حديثا عام 2007 عن دار الجمل و الكتاب عبارة عن مقالات كتبها الشاعر العراقي بدر شاكر السياب يذكر فيها السنوات الثمان التي قضاها في الحزب الشيوعي العراقي و الاسباب التي دعته لترك الحزب و خلافاته مع قيادييه و جمع

مادة الكتاب وليد خالد محمد حسن و ما يلي هو تعريف الناشر بالكتاب

:

مثلما حظي الشاعر بدر شاكر السياب بالشهرة والاهتمام، فقد تعرضت أعماله وآثاره للإهمال والتشويه، فأعماله الشعرية يعاد نشرها بطبعات مختلفة لكنها جميعها غير نقدية ومليئة بالأخطاء ولا يوجد متحف يحوي آثاره. يضم هذا الكتاب لأول مرة بين دفتيه اعترافات السياب التي نشرها عام 1959 في جريدة (الحرية) البغدادية، جاءت اعترافاته في (29) حلقة حملت عنواناً واحداً (كنت شيوعياً) ثم تلتها (11) حلقة تحمل كل واحدة عنواناً خاصاً بها.مثلما حظي الشاعر بدر شاكر السياب بالشهرة والاهتمام، فقد تعرضت أعماله وآثاره للإهمال والتشويه، فأعماله الشعرية يعاد نشرها بطبعات مختلفة لكنها جميعها غير نقدية ومليئة بالأخطاء ولا يوجد متحف يحوي آثاره. يضم هذا الكتاب لأول مرة بين دفتيه اعترافات السياب التي نشرها عام 1959 في جريدة (الحرية) البغدادية، جاءت اعترافاته في (29) حلقة حملت عنواناً واحداً (كنت شيوعياً) ثم تلتها (11) حلقة تحمل كل واحدة عنواناً خاصاً بها.

كان سر اهتمامي بهذا الكتاب هو معرفة جانب آخر من بدر شاكر السياب ... السياب الشاعر الملحمي و الرقيق في الوقت نفسه ... شاعر المطر لذا فكان هذا الكتاب ضوءا على مرحلة مهمة و جانب فكري من سيرة بدر شاكر السياب.

ففي المقالات الاولى يكتب السياب متذكرا بدايات تأسيس الحزب الشيوعي العراقي و يذكر فيها ان ما دفعه للانضمام للحزب الشيوعي ليس سببا عقائديا او ايديلوجيا بل انسانيا لما يحمله من حب للعداله و المساواة بين جميع افراد البشر خصوصا بعدما رأى معاناة المزارعين والفلاحين العاملين في مزرعة والده من هذه الحكايات حكاية زنوبة زوجة الفلاح التي كانت تخدم في منزل أهله قانعة بعد يوم من العمل الشاق بصحن من المرق أو ببضعة أسمال لها ولأطفالها كلما حلّ العيد. زنوبة هذه سرقت ذات يوم حفنة من الأرز لأطفالها الجائعين، فما كان من مخدوميها إلا أن وضعوا حفنة الأرز المسروق في إناء وتركوه في إحدى غرف الدار طالبين منها أن تكنس تلك الغرفة، فترى

وتعلم أن سرقتها قد افتضح أمرها، فراحت تكنس وتبكي

و في عام 1944 انضم السياب للحزب الذي كان عمه احد مؤسسيه و ظل في الحزب ما قارب الثمان سنوات لاعنا تلك الفترة التي قضاها معهم و من اللافت جدا في المقالات كمية الشتائم الهائلة التي وجهها السياب لرفاقه الاوائل من الشيوعيين و كيل المديح لرئيس العراق وقت كتابة المقالات عبدالكريم قاسم و وصفه بالزعيم الفذ و الزعيم العبقري ((و من المعروف ان قاسم في سنواته الاخيره قد تقرب منهم و من الاتحاد السوفييتي و تحالفوا ضد البعثيين ))

و مما جاء في سلسلة المقالات سبب ترك السياب للحزب الشيوعي العراقي هي قصيدته "المومس العمياء" التي لاقت انتقادا شديدا من قياديي الحزب و رفاقه حيث كان معروفا بينهم باسم "الرفيق جرير" و اتهم السياب بأن قصيدته تروج للقوميه العربيه حيث شبه استباحة الاوطان العربيه بالمومس التي يستباح جسدها من اجل لقمة العيش و مما جاء في القصيده المذكوره :

:

كالقمح لونك ياابنة العرب

كالفجر بين عرائش العنب

أو كالفرات على ملامحه

دعة الثرى وضراوة الذهب

لا تتركونى .. فالضحى نسبى

من فاتح ، ومجاهد ، ونبى

عربية أنا أمتى دمها

خير الدماء .. كما يقول أبي

و من اهم ما جاء في المذكرات آرائه في بعض الشعراء حيث هاجم و استسخف الشعراء الشيوعيين الذي كان يستسخفهم حتى في اعوامه مع الشيوعيين فنجده يوصف عبدالوهاب البياتي بالمستشعر و ناظم حكمت و اراغون و بابلو نيرودا الذي وصف شعرهم بالسخافات بينما اعرب عن اعجابه بشعراء مثل ت س اليوت و بوريس باسترناك الذي انشق عن الشيوعيين.

و كتب السياب ايضا عن اتهامات الشيوعيين له بالتجسس لصالح البعثيين مذكرا لهم ما فعله من اجلهم و الثمن الذي دفعه من اجلهم كفصله ولمدة سنة كاملة من دار المعلمين العاليه لتحمله مسؤولية الاضرابات التي حصلت و المنشورات التي كان يوزعها لهم و الذي بسببها طورد

و هرب الى ايران و الكويت.

بشكل عام ، الكتاب جيد و مرجع مهم لمحبي شعر السياب و لمن يريد معرفة الجانب الاخر من حياته و هو من الكتب التي تبين جانب من العلاقه بين المثقف و الاحزاب العقائديه و عاب على الكتاب عدم احتواءه على الهوامش و المعلومات المهمة التي تفيد القارئ فعمر المذكرات قديم جدا (1959) و حدثت العديد من المتغيرات في الوطن العربي منها حلف قاسم مع الشيوعيين و الانقلاب البعثي و هزيمة القوميه العربيه عام 1967 التي كان يروج لها السياب في مذكراته كطريق لخلاص الشعوب العربيه و عدم احتوائه ايضا على هوامش للاحداث التي ذكرها السياب و التي حصلت في العراق (احداث كركوك - اضراب دار المعلمين ) و غيرها من الاحداث التي قد لا يعرفها القارئ العربي.