Tuesday 31 July 2007

أحمد مطر ..شاعر الحريه (2 من 2)ـ


أتواصل معكم في كتابة و قراءة سيرة أحمد مطر عن طريق شعره..
دمعة حيرى على خدك تمشي ياكويت!
كان لتمرد أحمد مطر الشعري على وضعه و وضع أبناء وطنه و أمته أن جعل من نفسه مطلوبا...لا من جمهور عشق شعره و لا من محفل يريد ان يتزين باسمه...بل كان مطلوبا من سلطة ازعجته كلماته و افكاره و آماله و احباطاته...فترك أحمد مطر مضطرا بلده التي تألم لها و من أجلها فقال
وطني حبيبي..
لست اذكر من هواه سوى هواني!
وطني حبيبي..
كان لي منفى..
وما استكفى
كانت الكويت هي محطة أحمد مطر بعدما رحل من العراق في منتصف السبعينات..الكويت التي كانت في يوم ما أرض كل مقموع في وطنه و زفرة كل مظلوم في بلده...حيث عمل لفتره بسيطه كمدرس للغة العربيه في احدى المدارس الابتدائيه الخاصه و بعدها اتجه للعمل كمحرر ثقافي في صحيفة القبس حيث واصل كتابة اشعاره و ترجمة خواطره حروفا و التي سرعان ما ترجمت الى لافتات يحرص على رفعها طلبة قائمة الوسط الديمقراطي في جامعة الكويت.
و بانضمام ناجي العلي الى القبس،اجتمعت الكلمه و الريشه في الافكار و الآمال و الآلام...حيث تصبح الصفحه الاولى من جريده القبس لافتة شعريه لأحمد مطر و الصفحه الاخيره لوحه لناجي العلي.
استمر أحمد مطر في عمله في القبس،وجاء عام 1984 الذي تميز بنشر أول اعمال أحمد مطر المطبوعه (لافتات) و التي نشرت في الكويت (أول و آخر لافته تسمح بالكويت بعدها منعت حالها حال بقية اللافتات) و قد وصف أحمد مطر لافتاته قائلا :
سَبعونَ طَعنةً هُنا.. مَوصولةَ النَزْفِ
تُبدي.. ولا تُخْفي
تغتالُ خَوْفَ الموتِ في الخوفِ
سَمَّيْتها قصائدي
وَسَمِّها يا قارئي: حتفي
و بعدها واصل أحمد مطر في اصدار لافتاته فجاءت في السنوات التاليه :
لافتات 2 - 1987
لافتات 3 - 1989
لافتات 4 - 1993
لافتات 5 - 1994
لافتات 6 - 1997
لافتات 7 - 1999
و يضاف اليهم كذلك ديوانني اني المشنوق أعلاه و الساعه و اللذين صدرا معا عام 1989
في عام 1986،و نتيجه لضغوطات خارجيه على حكومة الكويت كان المستهدف في البدايه ناجي العلي و لكن الاستهداف طال أيضا أحمد مطر و أغلب الظن ان الضغوط كانت من حكومات العراق و السعوديه و من منظمة التحرير الفلسطينيه على الحكومه الكويتيه لترحيل مطر و العلي من أراضيها...لذا جاء (تهريب) احمد مطر من الكويت كما يذكر دائما في مقابلاته القليله و مما قاله في توديعه للكويت :
كم على السيف مشيت
كم بجمر الظلم والجور اكتويت
كم تحملت من القهر
وكم من ثقل البلوى حويت
غير اني ما انحنيت
كم هوى السوط على ظهري
وكم حاول أن أنكر صبري
فأبيت
وهوى ثم هوى ثم هوى
حتى هويت
غير أني عندما طاوعني دمعي .. عصيت
مذهبي أني كريمٌ بدمائي
وبخيلٌ ببكائي
غير أني يا حبيبة
حينما سرت إلى طائرة النفي
إلى الأرض الغريبة
عامداً طأطأت رأسي
ولعينيك انحنيت
وعلى صدرك علقت بقايا كبريائي ،
وبكيت
آه .. يا فتنة روحي كم بكيت
!آه .. يا فتنة روحي كم بكيت
!كنت من فرط بكائي
دمعة حيرى على خدك تمشي
ياكويت!
ترك أحمد مطر الكويت مرغما الى لندن مع رفيق دربه ناجي العلي عام 1986 حيث استمرا بالعمل للقبس عن طريق مكتب القبس الدولي في لندن،و لعل من أكثر الاحداث التي احزنت احمد مطر كان اغتيال رفيقه ناجي العلي عام 1987 في لندن و له قصيده معروفه رثى فيها رفيقه جاء في بعضها :
عفواً، فلا تروي أسـاي قصيــدةٌ
إن لم تكــن مكتوبـــةً بدمائي
عفــواً، فإنّني إن رثيتُ فإنمــا
أرثي بفاتحـــة الرثــاء رثائي
عفـــواً، فإنّي ميِّتٌ يا أيهــا
الموتى، و"ناج" آخر الأحيـــاء!
"ناجي العليُّ" لقد نجوتَ بقــدرةٍ
من عارنا، وعلوتَ للعليــــاءِ
و تمر سنوات الغربه على أحمد مطر،و يصدر في لندن و على حسابه الخاص بقية دواوينه و لافتاته التي انتشرت كانتشار الظلم و القمع في الدول العربيه..و لكن لم يكن أحمد مطر مرتاحا في غربته :
قَلَمي يَجْري
وَدَمي يجري
وأنا ما بَيْنَهُما أجري
الجَرْيُ تَعَثَّرَ في إثْرِي!
وأنا أجري
والصَّبْرُ تَصَبَّرَ لي حتّى
لم يُطِقِ الصَّبْرُ على صَبْري!
وأنا أجري
أجري، أجري، أجري..
أوطاني شُغْلي.. والغُربةُ أجْري
!
رغم ان شعره كان سبب غربته و تهجيره ... الا انه ما زال متمسكا بشعره و رأيه قائلا :
لماذا الشِعْرُ يا مطرُ؟!!
أتسألني
لماذا يَبزغ القمرُ؟
لماذا يَهطلُ المطرُ؟
لماذا العطرُ ينتشرُ؟
أتسألُني: لماذا ينزِلُ القدرُ؟!
أنا نَبْتُ الطبيعة
طائِرٌ حُرٌ…
تمر السنوات على أحمد مطر ناشرا لافتاته في صحيفة القبس و متابعا ما يحصل و ما يسببه صدام حسين من حماقات و جرائم في حق شعبه...حتى جاء يوم سقوط الطاغيه و القبض عليه قائلا :

حبيب الملاعين!
إذَنْ..
هذا هو النَّغْلُ الذّي
جادَتْ به (صَبيحَه)
وأَلقَتْ مِن مَظالمِهِ
علي وَجْهِ الحِمي ليلاً
تَعذّرَ أن نَري صُبيحَه.
ترامي في نهايَتهِ
علي مَرمي بدايتهِ
كضَبْعٍ أَجرَبٍ.. يُؤسي
بقَيحِ لِسانهِ قَيحَهْ!
إذَنْ.. هذا أخو القَعقاعِ
يَستخفي بِقاعِ القاعِ
خَوْفاً مِن صَدَي الصّيَحَهْ!
وَخَوفَ النَّحْر
يَستكفي بِسُكَني فَتحةٍ كالقَبْرِ
مَذعوراً
وَقد كانَتْ جَماجِمُ أهِلنا صَرحَهْ.
وَمِن أعماقِ فَتحتهِ
يُجَرُّ بزَيفِ لِِِحَيتهِ
لِيدًخُل مُعْجَمَ التّاريخِ.. نَصّاباً
عَلامَةُ جَرٍّهِ الفَتَحهْ!
إذَنْ.. هذا الّذي
صَبَّ الرَّدي مِن فَوقِنا صَبّاً
وَسَمّي نَفسَهُ ربّاً..
يَبولُ بثَوبهِ رُعْباً
وَيمسَحُ نَعْلَ آسِرهِ
بذُلَّةِ شُفْرِ خِنجَرهِ
وَيركَعُ طالباً صَفحَهْ!
وَيَرجو عَدْلَ مَحكمةٍ..
وكانَ تَنَهُدُ المحَزونِ
في قانونهِ: جُنحَهْ!
وَحُكْمُ المَوتِ مقروناً
بِضِحْكِ الَمرءِ لِلمُزحَهْ!
إذَنْ.. هذا هُوَ المغرورُ بالدُّنيا
هَوَي لِلدَّرْكةِ الدُّنيا
ذَليلاً، خاسِئاً، خَطِلاً
يَعافَ الجُبنُ مَرأي جُبنهِ خَجَلاً
وَيَلعَنُ قُبحُهُ قُبحَهْ!
إلهي قَوِّنا.. كَي نَحتوي فَرَحاً
أتي أعتي مِنَ الطُّوفانِ
أقوي مِن أذَي الجيرانِ
أكبرَ مِن صُكوكِ دمائنا المُلقاةِ
في أيدي بَني (القَحّهْ).
عِصابة حاملي الأقدامِ
مَن حَفروا بسُمِّ وسائل الإعدامِ
باسْمِ العُرْبِ والإسلامِ
في قَلبِ الهُدي قُرحَهْ.
وَصاغُوا لَوحةً للمَجدِ في بَغدادْ
بريشةِ رِشوَةِ الجلادْ
وقالوا لِلوَري: كونوا فِدي اللّوحَهْ!
وَجُودُوا بالدَّمِ الغالي
لكي يَستكمِلَ الجزّارُ
ما لَمْ يستَطيعْ سَفحَهْ!
ومُدّوا نَحْرَكُمْ.. حتّي
يُعاوِدَ، إن أتي، ذَبحَهْ!
أيَا أَوغاد..
هل نَبني عَلَيْنا مأتماً
في ساعةِ الميلادْ؟!
وَهَلْ نأسي لِعاهِرةٍ
لأنَّ غَريمها القَوّادْ؟!
وَهلْ نبكي لكَلْبِ الصَّيدِ
إنْ أوْدَي بهِ الصَّيادْ؟!
ذَبَحْنا العُمْرَ كُلَّ العُمرِ
قُرباناً لِطَيحَته..
وَحانَ اليومَ أن نَسمو
لِنَلثَمَ هامَةَ الطيْحَهْ!
واظمَأْنا مآقينا
بنارِ السجنً والمنفي
لكي نُروي الصّدي من هذه اللمحة.
خُذوا النّغْلَ الذي هِمتُمْ بهِ
مِنّا لكُمْ مِنَحهْ.
خُذوه لِدائِكُمْ صِحّهْ!
أعدُّوا مِنهُ أدويةً
لقطع النسل
أوشمْعاً لكتْم القَولِ
أوحَباً لمنع الأكل
أو شُرباً يُقوّي حدة الذبحه!
شَرَحْنا من مزايا النغْل ما يكفي
فان لم تفهموا منّا
خُذوه.. لتفهموا شَرحَه.
وخلُّونا نَموتُ ببُعْده.. فرحاً
وبالعَبراتِ نقلبُ فوقهُ الصفحهْ.
ونتركُ بعدهُ الصفحات فارغةً
لتكتبنا
وتكتُب نَفْسَها الفَرحهَْ!
و مؤخرا..انتقل أحمد مطر الى صحيفة الراية القطريه حيث ينشر لافتاته الجديده المتوقع ان يجمعها قريبا في ديوان واحد و يسميه لافتات 8 و يكتب في الجريده نفسها عامودا اسبوعيا باسم حديقة الانسان...و لكن ظل أحمد مطر في لندن و لم يعد الى العراق رغم ان طالبي اعتقاله لم يعودوا موجودين في السلطه...و تساءل محبيه و اصدقاءه عن سبب عدم عودته للعراق الى هذا اليوم و البقاء في مهجره...و جاء جواب احمد مطر كالعاده شعرا و قال في قصيدته التي نشرت في صحيفة الراية القطريه في عدد يوم السبت 12-5-2007
يَسألُني رِفاقي :
مَتى نَراكَ عائِداً لرؤيةِ العراقِ ؟
أقولُ : ماذا سأرى
غيرَ عَمايَ يا تُرى
في ساعةِ التّلاقي ؟!
ما تَسكُنونَهُ لكم
ولي أنا
هذا الّذي يَسكُنُ في أعماقي .
هذا الّذي يَسكُنُني
أجملُ ألفَ مَرّةٍ
مِن ذلكَ السّاكنِ
في الشّاشاتِ والأوراقِ .
حَمَلْتُهُ طِفلاً عَفِيّاً حالِماً
يَنضَحُ بالفتنةِ والإشراقِ .
حَمَلْتُهُ تعويذةً من لَوعةِ الفراقِ .
وَسَّدْتُهُ روحي
وأوقَدْتُ لَهُ قلبي
وأرخيتُ على غَفْوتِهِ أحداقي .
أطبقتُ فوقَهُ اليَدا
وَصُنْتُهُ من الرَّدى
فآبَ مِثلَما غَدا..
مُؤتَلِفَ الخِلْقَةِ والأخلاقِ .
فكيفَ لي بَعْدَ بَقائِهِ مَعي
مُؤتَمَناً وآمِناً
أن أستحِلَّ فَقْـدَهُ
في زَحمةِ الأسواقِ ؟
**
إنّي على تباعُدِ الأزمانِ والآفاقِ
رأيتُ في عِراقِكُمْ
ما يُطفىءُ الأشواقَ في أشواقي .
حظيتُ مِن عِراقِكُم
برؤيةِ الشِّيعيِّ والسُّنيِّ
والمُسلمِ والصابيِّ والكُلْدِيِّ
والعُرْبيِّ والكُرديِّ والتُركيِّ
والباقينَ من مُستوطِني مَمالكِ الأديانِ والأعراقِ .
لكنّني.. لمْ أحظَ في زحمَتِهمْ
برؤية (العراقي) !
كيفَ، إذن، في سجنِكُمْ
سوف أرى انعتاقي ؟!
وكيفَ أَخبِطُ الذُّرا،
طَوعاً، على وجه الثَّرى
أو أحفَظُ الأصيلَ عِندَ المُفتَرى
أو أُسلِمُ البَريءَ للأفّاقِ ؟
**
معذِرةً رفاقي ..
إنّي سأبقى هاهُنا
مُعَوَّذاً مِن عَفَنِ الفاني
بطُهْرِ الباقي .
عِراقُكمْ ذاكَ لَكُـمْ
وَلي أنا عِراقي !

12 comments:

Mohammad Al-Yousifi said...

:)

مبدع

ما قتلنا , تزوج و الا ما تزوج؟

sologa-bologa said...

تسلم إيدك
والله يعطيك ألف عافية
على المعلومات الحلوة
والاختيارات الجميلة جدا
خصوصا إن أحمد مطر
من الذين عانوا كثيرا
في حياتهم

ودمت بحب وود

mtfa2el said...

ما قصرت يا بو اسحاق
و الله انها من اجمل المقالاات اللي قريتها من فترة

Unknown said...

من افضل ما كٌتب عن الكويت
جميل جدا

واول مرة ادرى ان راح الراية القطرية ليش هدوه القبس

عزيزى اتمنى تشارك بالتصويت على افضل نائب للدور الانعقاد الماضي
بالمدونة عندى

barrak said...

مجرد راي
هل من الممكن ان نرى نقدك الموضوعي في احمد مطر من وحي قراءاتك له ؟

بوطبر said...

Post akthar mn ra2e3
y36ek alf 3afya

بوغازي said...

أحسنت... وسلمت يداك ويداه
:)

Anonymous said...

great post wala

أبو إسحق said...

kilama6goog

شكرا على مرورك و التعليق :) و احمد مطر متزوج و عنده ثلاث أولاد و بنت

شكرا لك :)

sologa-bologa

الله يسلمك و يعافيك و اشكرك على المرور و التعليق :)

تحياتي

mtfa2el

لك الشكر عزيزي على المرور و الاطراء الجميل :)

تحياتي

mishari

و الله ما ادري ليش طلع من القبس،و على العين و الراس :)

شكرا لك

barrak


اقدر اسمي جوابي رأي لأن كلمة نقد كبيره علي و ما عندي مقومات الناقد...بالنسبه لي تجربة أحمد مطر كانت بالنسبه له على الاقل صرخة ألم و كلمة حق ...لكنه اصبح لمحبي شعره مدرسه و مثال-هذا ما ذهب اليه احمد مطر في تجربته الشعريه

شكرا لك :)

بوطبر

حياك الله عزيزي و شكرا على الاطراء :)

تحياتي

بوغازي

الله يسلمك و شاكر لك على المرور :)

تحياتي
Anon

شكرا لك على المرور و التعليق :)

تحياتي

Unknown said...

ابو اسحق العزيز

بدء المرحلة الثانية من التصويت للاختيار افضل نائب فى الدور الانعقاد الماضي
الرجاء التفضل بالزيارة عزيزى والتصويت

إيلاف said...

قرأت الجزئين , وأعجبت باختياراتك ,, أحمد مطر , هو الشاعر الذي لا تمل من قراءة أشعاره
أذكر بأنني أول ما عرفت أسمه وقرأت اول قصيدة له , لم أغلق الاب توب الا في الساعه السادسة صباحًا , فقد عكفت على البحث عن اشعاره وقراءتها في الانترنت

JiBLa CiTY said...

شاعري المفضل على الاطلاق

مشكور على الموضوع المميز

صج خوش موضوع